همبولت و ريتر: مؤسسا الجغرافيا الحديثة

يعد اسكندر همبولت ومواطنه ومعاصره كارل ريتر Ritter مؤسسي الجغرافيا الحديثة . هذا وينظر الي كتاب كوزنوس علي أنه أكثر كل مؤلفات همبولت شهرة وأكثرها دلالة . فقد وصف فيه الكون ، والسماء ، والكرة الأرضية وشكلها وكثافتها وبنيتها والبركنة الخ ..... وهذا الكتاب الذي لم يكمله مؤلف ، والي يقع في أربعة مجلدات ضخمة , والتي ظهرت بين 1845 وعام 1858 ، يعد كتابا تقادم علية العهد , ولكنة لازال يثير الاهتمام .

 كما مارس همبولت تأثيرًا خصيبًا علي جغرافيا ، ضمن اطارات الملاحظات التي أوجدها "فقد برع في تعبئة القائع في تحويلها الي صيغ دارجة والي معطيات متماثلة فيما بينها " (فيدال د لابلاش) فعوضًا عن دراسة الظواهر المناخية والنباتية أو الجيولوجية بحد ذاتها أو بصورة منعزلةفقد تفحصها ضمن علاقاتها المتبادلة وفي توزيعها أي حسب مبدأ التناسق الذي يعتبر أساس البحث الجغرافي , كما صرح هو نفسة بذلك , اذ يرجح ( ربط الوقائح والحادثات المدرسة مسبقًا علي معرفة الوقائع وهي منعزلة هذا حتي لو كانت هذه جديدة ) . ولقد كان في الوقت نفسة صاحب فكرة تلك الوثيقة الكارتوغرافية الرائعة وهي أطلس برغهاوس الطبيعي ) والذي مثل فيه درجات الحرارة بخرايط تحمل خطوط الحرارة المتساوية Isothermes . 

أما كارل ريتر فقد يطبق في كتابة ( علم الأرض المقارن ) المبادئ التي لمع في اصدارها مواطنه همبولت . ولكن بينما كان همبولت عالمًا ورحالة , يتتبع بحس مدهش في الملاحظة , فقد كان ريتر يتمتع بثقافة تاريخية وفلسفية , فلدي همبولت كانت العلوم الطبيعية تدخل في خدمة علم الجغرافيا أما لدي ريتر فقد كان التاريخ هو الذي يأتي لدعم الجغرافيا .وقد كان علم الأرض المقارن , المسلح بنظرته الثقافية , كمفهوم الموضع الجغرافي , كان يحاول وذلك دون أن ينجو من التزمت المفرط , كان يحاول أن يبرر علافات الانسان بالتربة , أي بتأثر الشروط الطبيعية علي نمو المجتمعات . وقد ألف ريتر كذلك كتابًا ضخمًا هو "الجغرافيا" الذي يعتبر مجموعًا من معلومات موسعة ونقد , ولكنه ظل كتابًا غير كامل . الثلاث , وهي الهواء والماء والأرض وذلك لتفسيرها خلال سرد تسلسل الوقائع وذلك بتوضيح نقطة تطورها.

واجمالًا فان الظواهر التي تعمد العلوم الأخري الي تفكيكها من أجل التحليل أو التجريب تنظر اليها الجغرافيا في نظام الأشياء المجرد , وفي تنوعها الأشعث , وفي حقيقتها المتبدلة لأن الطبيعة ليست عبارة عن الية ميتة حسب قول ريتر . وهكذا أصبح علي الجغرافيا أن تستخدم نتائج علوم الطبيعة والأنسان , وأن تستعين بمعطيات الجيولوجيا وعلم النبات وعلم الرصد الجوي وبالتاريخ والاحصاء الخ ......

ذلك هو مدلول عمل همبولت وريتر , غير أن مداه سيكون أكبر من ذلك لأن الظروف كانت مواثمة للبحوث وللعمليات الجغرافية . فقد مات الاثنان في عام 1859 , أي في وقت الذي كانت فيه الوحدة الايطالية والوحدة الألمانية تسمحان بصنع خرائط من مقياس 1 علي 100000 لهاتين الدولتين.{1}